صرخه آلـــوأنـ

لافتة :
< لن أتدخل في شؤونكم >

بعد عام شاق مؤلم توالت فيه الأحزان تلو الأحزان قررت مع بداية العام الجديد وضع تلك اللافتة , بدأت نفسي تستقر وروحي تطمئن كنت أراهم وفي كل مرة أشعر بحاجتهم ولكن قراري لن أتراجع عنه .
ساعتي تشير إلى العاشرة صباحاً تناولت مقص لأقطف وردة الصباح المدمعة في ذالك البستان الذي يقبع خلف بيتنآ بغتةً سمعت خربشت ألوان , لفت انتباهي رسام واضع لوحته أمامه وبيده ريشته المبللة بألوان مكتئبة يعيش عالمه بعيداً عن عالمنآ و كأن روحه تستلهمه وتوحي له مابدأه .
لم أسبق الزمن فهو قارب على الإنتهاء من تلك صاحبة المعالم الحزينة ذات اللون الشاحب والأعين الهامدة والملامح الجامدة ومع وضعه للمساته الأخيره على تلك , فرت من عيني دمعه وغاصت باقي الدمعات في أعماقي لتستل قوة من ذاتي في التقاط ريشته قبل آن تجف بآلوانه السوداوية فبللتها بمآء عذب ينبع آمل الحياة .
تمثلت أمامها مباشرةً دون أي حاجز أو عائق يحول بيني وبينها , فركنت بجوارها بكل هدوء متأملةً تلك المعالم التي علتها ابتسامة صفراء و ثمة ألم واضح لاتجد كثيراً من الجهد لفهمه, نظرت في عينيها التي ترائة لي بأنها السماء فقرأتها إلى تعمق الأرواح وتلاصقها فانسدلت في طريقي تلك الخيوط المعقودة بالألم التي استوطنتها منذ بداية تبلل الروح بالشر البشري فاستنهضتها من براءتها بغتة لتحيلها إلى منفى بلا وطن .
طغى على نظراتها البؤس وأوشحت بوجهها عني لتخفي مايجول في نفسها من عذاب تلو عذاب , يتكرر في ذهنها ليميتها في كل ثانية ويدلفها بالموتى والقبور .
< لكِ روحـــي لتعيشي من جديد وينقشع الظلام >
هذه اللافتة الجديدة التي كتبتها بمآء الذهب.
والآن ساتعلم الكثير والكثير لإعادة احيائكِ وتلوين حياتكِ واستئصال أحزانكِ فانهضي من سباتكِ الممقوت وعيشي أحلامكِ دون عودة للماضي البغيض .
ولتعلم أيها الفنان الكئيب بأني لن أتنازل عن لوحتك التي أصبحت تمثلني وتقرأني و تكتبني , ومُعيني إلـــهي